علق الخبير التقني لـ (مركز التطوير الرقمي – DDC)، على المنافسة الحادية بين شركتي فيسبوك وجوجل، في مجال “بوت الدردشة”.
وقال الخبير ، ان “شركة فيسبوك جعلت بوت الدردشة الجديد الخاص بها “بليندر” مفتوح المصدر، مُدعية أنه يمكنه التحدث عن أي شيء تقريباً بطريقة جذابة وشيقة”.
وعدّ الخبير، ان “هذا يدل على إحراز تقدم نحو الطموح الأكبر الذي يدفع الكثير من أبحاث الذكاء الاصطناعي: وهو محاكاة الذكاء”.
واضاف، ان “بليندر يستمد قدرته من الحجم الهائل لبيانات التدريب الخاصة به؛ حيث تم تدريبه في البداية على 1.5 مليار محادثة متاحة للجمهور على موقع ريديت (Reddit)، وذلك لإعطائه أساساً لعملية توليد الردود أثناء الحوار، ثم تم صقله بمجموعات بيانات إضافية تخص ثلاث مهارات:
1- محادثات تحتوي على نوع من العاطفة لتعليمه (على سبيل المثال، إذا قال المستخدم: لقد حصلت على ترقية، يمكن لبليندر أن يقول “مبارك”،
2- محادثات كثيفة المعلومات مع أحد الخبراء لإكسابه المعرفة.
3- محادثات بين أشخاص ذوي شخصيات مختلفة لإكسابه الشخصية.
من جانبه ، قال ستيفن رولر، مهندس الأبحاث في فيسبوك الذي شارك في قيادة المشروع: “إن إجراء حوار هو نوعاً ما مشكلة ‘الذكاء الاصطناعي الكامل’. حيث يتوجب عليك حل كل مشاكل الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة الحوار، وإذا تمكنت من حل مشكلة الحوار، فقد قمت بحل كل مشاكل الذكاء الاصطناعي.
والنموذج الذي نتج عن ذلك أكبر بـ 3.6 مرات من “مينا” بوت الدردشة الخاص بشركة جوجل، الذي تم الإعلان عنه في شهر يناير الماضي. كما أن بليندر كبير لدرجة أنه لا يمكن احتواؤه على جهاز واحد، ويجب تشغيله عوضاً عن ذلك باستخدام شريحتين حاسوبيتين.
وكانت جوجل قد أعلنت، في ذلك الوقت، أن مينا هو أفضل بوت دردشة في العالم. بيد أن 75% من الأشخاص الذين شاركوا في عملية التقييم، في اختبارات فيسبوك الخاصة، وجدوا أن بليندر أكثر جاذبية من مينا، واعتقد 67% منهم إنه يبدو أكثر شبهاً بالإنسان.
كما خدع بوت الدردشة أيضاً المقيِّمين البشريين في 49% من الحالات، ودفعهم إلى الاعتقاد بأن سجلات محادثاته بشرية أكثر من سجلات المحادثة بين أشخاص حقيقيين، وهو ما يعني عدم وجود الكثير من الفروقات النوعية بينهما.
وعلى الرغم من هذه النتائج المبهرة، إلا أن مهارات بليندر لا تزال بعيدة كل البعد عن المهارات البشرية، فحتى الآن قام الفريق بتقييم بوت الدردشة فقط خلال محادثات قصيرة تحتوي على 14 دورة كلامية.
ويشك الباحثون في أنه إذا استمر في الدردشة لفترة أطول، فسرعان ما سيحيد عن المنطق.
وتقول إميلي دينان القائدة الأخرى للمشروع، ان “هذه النماذج غير قادرة على التعمق بشكل كبير، وغير قادرة على تذكر سجل المحادثة إلى ما هو أبعد من عدة دورات”.
ويبدو ان بليندر يميل أيضاً إلى الهلوسة في المعلومات أو اختلاق الحقائق، وهو ما يفرض قيداً مباشراً على تقنيات التعلم العميق المستخدمة في بنائه؛ إذ إنه يولّد الجُمل في نهاية المطاف من الارتباطات الإحصائية، وليس من قاعدة بيانات معرفية.
ونتيجة لذلك، فقد يدمج وصفاً تفصيلياً ومتماسكاً لأحد المشاهير على سبيل المثال بمعلومات خاطئة تماماً.
ويخطط الفريق لتجربة دمج قاعدة بيانات معرفية في عملية توليد ردود بوت الدردشة.
ثمة تحدٍّ رئيسي آخر يواجه أي بوت دردشة يستخدم نظاماً مفتوحاً، يتمثل في منعه من قول كلمات مؤلمة أو متحيزة.
ونظراً لأن هذه الأنظمة يتم تدريبها في نهاية المطاف على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد ينتهي بها الأمر إلى اجترار الانتقادات الفظة التي تعج بها شبكة الإنترنت، وقد أساء هذا الأمر لسمعة بوت دردشة مايكروسوفت، المعروف باسم تاي، عام 2016.
وقد حاول الفريق معالجة هذه المشكلة عن طريق مطالبة العاملين بتصفية الكلمات المؤذية في مجموعات البيانات الثلاثة المُستخدمة في صقل قدرات بليندر، لكنه لم يفعل نفس الشيء في مجموعة البيانات التي حصل عليها من موقع ريديت بسبب حجمها الضخم.
ويأمل الفريق في تجربة آليات أمان أفضل، بما في ذلك أداة تصفية للكلمات المؤذية يمكنها مراجعة ردود بوت الدردشة.
لكن يعترف الباحثون بأن هذا النهج لن يكون شاملاً، ففي بعض الأحيان قد تبدو جملة على غرار “نعم، هذا رائع” جيدة، إلا أن استخدامها في سياق حساس، مثل الرد على تعليق عنصري يمكن أن يحمل معاني مؤذية.
على المدى الطويل، يرغب فريق الذكاء الاصطناعي في فيسبوك أيضاً في استحداث برامج محادثة أكثر تطوراً يمكنها الرد على الإشارات البصرية، فضلاً عن الكلمات.
وعلى سبيل المثال، يطور أحد المشروعات نظاماً يسمى دردشة الصور (Image Chat) يمكنه التحدث بعقلانية عن الصور التي قد يرسلها إليه المستخدم.