اختتم الشباب العربي اليومَ الأول من مؤتمر إيمتيك مينا في دبي – الذي وافقَ يوم الإثنين 4 نوفمبر الماضي- بذكر قصص نجاحهم للجمهور.
كان مؤسس شركة إنوفيتنج جرين تكنولوجي (IGT) هيثم دبوك أول من قدّم تقنيته الصديقة للبيئة في الجلسة الأخيرة من اليوم، التي كانت بعنوان “مبتكرون دون 35 – الجزء الثاني”.
وبدأ طالب الدكتوراه اللبناني في الجامعة الأميركية ببيروت حديثَه قائلاً إن هناك أكثر من 13.5مليون شخص يفتقرون إلى الموارد الأساسية للحياة والطاقة والمياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحدها، وذلك وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR).
وقال: “تستورد منطقتنا -التي كانت في البداية منطقة زراعية- 70% من احتياجاتها الزراعية الآن، مما حفّزني إلى إيجاد حلول مستدامة لهذه المشاكل باستخدام تقنيات تسخين المياه بالطاقة الشمسية؛ إذ كانت سخانات المياه بالطاقة الشمسية تواجه مشكلة زيادة التسخين، مما يؤدي إلى خسارة 40% من المياه”.
ويؤدي وجود خمسة ملايين من هذه السخّانات في المنطقة إلى خسارة نسبة كبيرة من المياه والطاقة. وأشار دبوك: “قمت باستخدام ابتكار بروشيلد Proshield، الذي يتم تثبيته على سخان المياه ويتمتع بوظيفتي الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، لاستغلال 40% من الطاقة. تم دمج أنظمتنا في القطاع الزراعي في مدجنة تعمل بالطاقة الشمسية، مما أدى إلى توفير 60% إلى 70% من التكلفة”.
كما صمّم أيضاً وحدة زراعية مائية شمسية مركّبة تشتمل على سخانات مياه بالطاقة الشمسية وعلى وحدة تحكم قائمة على إنترنت الأشياء للحصول على الظروف اللازمة للنباتات والأسماك من درجات الحرارة، على سبيل المثال. ويقوم دبوك أيضاً بمعالجة مشكلة المستوطنات العشوائية المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة، التي تواجه مشكلة كبيرة مع المياه.
وعلى هذا النحو، قام بتطوير نظام مبتكر لمعالجة وتحويل مياه الصرف الصحي باستخدام الطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي بهدف استخدام المياه لأغراض الري. ويعمل دبوك حالياً مع اليونيسف على مثل هذا المشروع في لبنان. واختتم قائلاً: “يتم تطبيق الابتكار حالياً مع Sustainable Mobile Houseلمساعدة الأشخاص الذين يعيشون في المستوطنات العشوائية. ونحن نستعد حالياً لتلك المدينة المستدامة التي نقوم فيها بجمع هذه الأنظمة معاً ونزيد من توفير الطاقة والمياه للحصول على نتائج أفضل بالحد الأدنى من الموارد والتدخل البشري”.
وبعد دبوك، تابعت آلاء القرقوش، المرشحة لنيل درجة الدكتوراه في الهندسة المعمارية بجامعة ميشيغان، الحديثَ من خلال وصف شغفها بتطوير التقنيات الصوتية والسمعية التي تعزز من تجربة الإنسان. وأشارت: “عندما نفكر في كيفية رسم مستقبل التكنولوجيا، دعونا نتخيل حلاً صوتياً يتيح لك سماع ما أقوله اليوم دون الاعتماد على نظام صوتي، أو دون الحاجة إلى أي مصدر للطاقة. لقد سحرتني من قبل ناشرات الصوت التي تعتمد على ظاهرة السايماتكس التي تعزز وضوح الكلام، وكنتُ مهتمة باستكشاف الاحتمالات التي يمكن أن تنشأ من خلال دمج الصوتيات بالتصاميم، لذلك تعلمتُ عن ظاهرة السايماتكس وعلامات الصوت البصري”.
ومنذ أن تم إنتاج أشكال السايماتكس عن طريق الأصوات، انتابها الفضول لمعرفة تأثيرها على الصوت. وأظهرت الاختبارات أن ناشر الصوت يفتح إمكانات لا نهاية لها؛ حيث إن إعادة ترتيب الناشرات يغيّر من أدائها الصوتي وبالتالي من تجربتنا. وأضافت: “في عالم تسهم فيه الضغوط الناتجة عن الضوضاء في حدوث مشاكل صحية، يعدّ إنشاء بيئة صوتية داعمة أمراً بالغ الأهمية، كما هو الحال في الفصول الدراسية التي يتعلّم فيها الطلاب أو في المسارح التي تكون فيها التجربة الصوتية ضرورية”.
وهي تعمل حالياً على تطوير تقنيات لا تسمح بالتحليل فحسب، ولكن أيضاً بالاستماع إلى الصوتيات للمباني من أي جزء في العالم، من الماضي أو من المستقبل، والتي لم يتم بناؤها بعد.
كما اختار حسن البلوي، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة ويك كاب WakeCap، التركيزَ على صناعة البناء وعلى مشكلة ربما يعتقد الكثير من الأشخاص غير المعنيين بهذا القطاع أنه قد تم حلّها بالفعل، وهي التواصل في الموقع. وأوضح قائلاً: “المشكلة هي أن هذا المجال هو الأقل إنتاجية مقارنةً بالمجالات الصناعية الأخرى، وهذا يعني أن الأموال التي أنفقناها على العمال في مجال البناء لم تعُد علينا بمثل عائدات الأموال التي أنفقناها في جميع المجالات الأخرى غير الزراعية. ونظراً لأن هذا المجال يكتظ بالعمال، فإنه يصبح مشكلة يمكنك حلها إذا كنت تعلم وجودها فعلاً. المشكلة هي أنهم لا يقيسون إنتاجية عمّالهم لأنه القطاع الأقل تحولاً إلى المجال الرقمي من بين جميع القطاعات الأخرى في العالم”.
وذكر تحدّيين رئيسيين ينطويان على حقيقة أن الموقع ديناميكي للغاية، أي لا يسمح بالاتصال بشبكة واي فاي أو الاعتماد عليها بسبب عدم وجود الطاقة، فضلاً عن الطبيعة العصيبة له. وأضاف: “كما أن العمال أنفسهم هم الذين يتعيّن عليهم ارتداء الكثير من التجهيزات. وإذا طلبت منهم ارتداء جهاز آخر، فسيكون الأمر صعباً. لقد واجهنا تحدياً تم فيه إخبارنا بالذهاب إلى مواقع بناء مختلفة واقتراح حلنا للعمال”.
وعلى الرغم من وجود حوالي 3000عامل في موقع واحد، ومن التحدي أنه لم يُسمح للبلوي وفريقه بتدريبهم أو تغيير أي من سلوكياتهم، إلا أنهم قاموا بالمحاولة. وقال: “كان علينا أن نرى ما إذا كانوا سيستخدمون تقنيتنا في غضون شهر. وإذا أصبح العمال على تواصل، فإن الشركة ستكون مهتمة. وكانت الشركة قد فشلت في تنفيذ حل آخر لأن العمال لم يكونوا مستعدين لشحن الجهاز لمدة 20دقيقة كل أسبوعين، وهذا هو نوع التحديات التي نواجهها في مجال البناء”.
ويتمتع جهازه الجديد ببطارية عمرها سنة ونصف على هيئة مستشعرات مدمجة. واختتم قائلاً: “لجعل هذه التقنية تدوم لفترة أطول، نريد أن نجعلها عملية؛ أي: بمجرد تقديم التقنية للعمال، يمكنك مراقبة مواقعهم وتحسين سلامتهم أيضاً”.
بعد ذلك، تحدثت ليلى زيكو، الأستاذة المساعدة بقسم علم الأحياء في الجامعة الأميركية بالقاهرة، عن مشروعها حول المضادات الحيوية. وقالت: “دعونا نتخيل الفترة القريبة من الحرب العالمية الثانية، التي كانت حزينة حقاً، حيث كان الناس يموتون لمجرد إصابتهم بجروح. وعندما تم اكتشاف المضادات الحيوية، أنقذت حياة الملايين، ولكن العالم خائف الآن من أن تلك الأيام الحزينة ستعود بسبب مقاومة المضادات الحيوية. إلا أننا اكتشفنا تأثيراً مضاداً للسرطان من الميكروبات التي تعيش في أعماق البحر الأحمر”.
من خلال تقنيات التسلسل الجديدة كالتي تستخدم في تسلسل الجينوم، يدرك العلماء اليوم أن الكائنات الحية لديها إمكانات هائلة لتزويدنا بأدوية جديدة. وأضافت: “إذا نظرنا إلى غالبية المضادات الحيوية الموجودة في السوق الآن، فإن معظمها له أصول من الطبيعة. لذا فإن الماء يعدّ مكاناً جيداً للبحث فيه لأن الميكروبات التي تعيش في البيئات البحرية لديها إمكانات هائلة لتزويدنا بأدوية جديدة، خاصة المضادات الحيوية والأدوية المضادة للسرطان”.
هذا هو ما ألهم ليلى زيكو. وعلى هذا النحو، بحثت هي وفريقها في معالجة هذه المشكلة العالمية من خلال دراسة ترميز الميكروبات للمضادات الحيوية. واختتمت قائلة: “فيما يتعلق بالتأثير المحتمل، فإننا نأمل في إمكانية تقليل مشكلة المقاومة والوفيات المرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية، وإدخال مضادات حيوية جديدة إلى السوق لمكافحتها. كما أننا نخطط أيضاً لاستعادة نجاح الدواء، وهذا هو الحال مع المقاومة الكيماوية؛ حيث يقوم العلماء في جميع أنحاء العالم بالبحث في الطبيعة عن مضادات حيوية جديدة وأدوية جديدة مضادة للسرطان لتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً، وإنقاذ حياة الأجيال المقبلة”.
وأخيراً، قام عباس صيداوي، المؤسس المشارك لشركة ريفوتونيكس Revotonixوطالب الدكتوراه في الجامعة الأميركية ببيروت، واعتلى المنصة ليختتم اليوم. وتحدّث عن شغفه القديم بالروبوتات التي تساعدنا في مهامنا اليومية.
فبعد تخرّجه من هندسة الميكاترونيك وعدم قدرته على العثور على وظيفة في المنطقة، قرّر السفر إلى الخارج لمتابعة أحلامه. وقال: “توفي والدي قبل بضعة أشهر من سفري، فأصبحتُ حينها أتحمل مسؤولية أسرتي ولم يعد بوسعي السفر. لكنني قررت الكفاح وتحديد مصيري. بدأت بدراسة الدكتوراه في الجامعة الأميركية ببيروت بهدف إدخال علوم الروبوتات إلى المنطقة”.
ومن خلال دراساته، اكتشف فجوة هائلة بين البحث والصناعة، مما حفّز روحه المبادِرة التي تكمن بداخله، وأسَّس شركة لتطوير روبوتات ذاتية التحكم بالكامل. وأوضح قائلاً: “مع وجود الكثير من الشاشات من حولنا، لم يعد الناس يهتمون بالإعلانات بعد الآن. ومن ناحية أخرى، لا يمتلك المعلنون أداة قوية لاستهداف جمهور محدّد أو للحصول على إحصائيات في الوقت الفعلي عن مشاهديهم. لذلك قمت بإنشاء فيليكس Felix، وهو روبوت تفاعلي مع شاشتين كبيرتين، ويمكنه التنقل بشكل ذاتي والتنبؤ بعمر وجنس المشاهدين”.
كما يمكن للروبوت أيضاً تحليل اهتماماتهم بناءً على ملابسهم وعرض الإعلانات المستهدفة. وخلص صيداوي إلى أنه “يوفر عدد المشاهدين ومستوى التواصل مع كل مشاهد، ويمكنه أيضاً التفاعل مع المشاهدين من خلال صورة رمزية. وتتمثل الثورة الكبيرة القادمة بالروبوتات الاجتماعية وتتسع مهمتنا لتشمل إنشاء روبوتات تتعايش مع الناس بشكل منسجم وتحسين نوعية حياتهم”.