الكثير من دول العالم تهتم اهتماما بالغا بالتحول الرقمي، ومنها العراق ودول الشرق الاوسط، لكن هذا التحول يحتاج الى اليات وممكنات، يستطلعها (مركز التطوير الرقمي-DDC)، في هذا التقرير الذي اعتمد عليه اكاديميين.
التحول الرقمي خطوة مهمة واستراتيجية في مستقبل أي بلد كونه ذي فوائد عظيمة لتحسين الكفاءة التشغيلية في الشركات والمؤسسات وتحسين الجودة وتبسيط الإجراءات للخدمات المقدمة للمستفيدين وتوفير الكلف.
كما أن التحول الرقمي يخلق الفضاء المناسب للإبداع والإبتكار، ويساعد التحول الرقمي المؤسسات والشركات على التوسع والانتشار في نطاق أوسع وإنجاز المعاملات التجارية والصناعية والمالية بشكل أسرع وبجودة عالية، وفي مجال مؤشرات الاقتصاد .
يهتم العالم بالتحول الرقمي حيث بلغت نفقات التحول الرقمي في القطاع الصناعي لعام 2019 ما قيمته 335 مليار دولار وفي قطاع النقل 116 مليار دولار وفي قطاعات التجزئة 98 مليار دولار وفي الابتكار الرقمي 46 مليار دولار، وأما في قطاع تحسين سلاسل التوريد فقد بلغت 29 مليار دولار بحسب ما جاء في موقع تحليل المستقبل (IDC) الذي توقع أن ينفق العالم 2 ترليون دولار على التحول الرقمي لغاية 2022.
وإذا أردنا أن نخطو خطوات جدية وسريعة نحو التحول الرقمي فلا بد من استراتيجية وطنية شاملة للتحول الرقمي تلامس كافة القطاعات والمؤسسات والجهات الحكومية، وينتج عنها استراتيجيات قطاعية تصل إلى مستوى الشركة والمؤسسة باستراتيجية الوحدة الواحدة (Functional Strategy)، كما أن التحول الرقمي ليس مسؤولية جهة واحدة إنما هو مسؤولية وطنية تطال كل مسؤول مهما كانت طبيعة عمله سواءً في المدرسة أو الجامعة أو الشركة أو المصنع أو المؤسسة أو الوزارة حيث يتوجب على كل واحد منا أن ينفذ الخطط التي تضمن التحول الرقمي.
يجب استغلال العديد من الممكنات؛ ولعل أولها وأهمها الشباب المتعلم الذي يمتلك القدرات الهندسية والتكنولوجية، إضافة إلى وجود الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجالات الحلول المحوسبة والتي تشكل محوراً رئيساً للتحول.
ولتسهيل الوصول إلى التحول الرقمي فلا بد من تطبيق حزمة من الإجراءات يمكن أن تتمثل بعدة مقترحات؛ وعلى وجه الخصوص إيجاد أكاديمية للبرمجة (Coding Academy) تُعنى بتدريب الشباب على بناء البرامج وصناعة البرمجيات وتدريبهم على طرق حمايتها، ما يغنينا عن شراء البرمجيات من الخارج والتحول من مستورد للبرمجيات إلى مصدر لها بالاضافة إلى المساهمة في إنشاء جيل من المبرمجين القادرين على التماشي مع الحقبة الرقمية الجديدة التي بدأنا نلمس آثارها في الوقت الحالي.
أما الممكن الثاني فهو استخدام عدة تقنيات كالحوسبة السحابية في المؤسسات والدوائر والجامعات وغيرها لما فيها من فوائد اقتصادية وكفاءة تشغيل، واستخدام التوقيع الالكتروني (E-signature) للتعاملات في التجارة الالكترونية، وكذلك استخدام تقنية البلوك تشين (Blockchain) في البنوك ومعاملات الأراضي وفي اجراءات الانتخابات النيابية والبلدية، واستخدام انترنت الأشياء (IoT) في المدن الذكية لمراقبة الشبكات الخدمية والذكاء الاصطناعي (AI) في مجالات التحليل والمراقبة والقانون والصحة والأنظمة التشغيلية، كما يعتبر استخدام البيانات الضخمة هام جداً في مرحلة التحول الرقمي لاستخدامها في الاستشراق وتمحيص القرارات وتبني خطط معتمدة على البيانات والتحليل والوصول إلى مرحلة القرارات المبنية على نماذج رياضية.
أما الممكن الثالث فيعتمد على الجهات الحكومية والشركات والتي عليها مراجعة عملياتها الإجرائية -وهي مجموعة النشاطات التي تنتج خدمة معينة أو منتج معين- والقيام بتحسينها وزيادة كفائتها (process improvement) واعادة هندسة بعضها إن كانت لا تصلح.
إن التحول الرقمي يحتاج إلى كلف مادية ولكن في المقابل ستكون النتائج واعدة؛ كزيادة الكفاءة الحكومية وتحسين الخدمات في جميع القطاعات كما أن لها أثر في نظافة البيئة وتقليل الكلف على المواطنين وزيادة رضاهم وزيادة المقدرة الوطنية في الانتاج المعرفي وتعزيز الاقتصاد المعرفي، وفي الوقت الراهن فقد أظهرت جائحة كورونا الحاجة الملحة للتحول الرقمي الكامل والذي لن يتم إلا باستيعاب تكنولوجيا الجيل الخامس الذي يُعطي المستخدم الحرية الكاملة في توظيف التكنولوجيا الآمنة من خلال تقسيمات الشبكة التي سوف يُخَصّص أجزاء منها للتعلم عن بعد وأخرى للصحة والصناعة والنقل وغيرها من القطاعات من خلال خاصية (Network Slicing)، إضافة إلى العامل الأهم بعد أن يتم إنجاز كل ما سبق وهو دعم حماية الشبكات من الهجمات السيبرانية ورفع المناعة الأمنية للشبكات وذلك من خلال تدريب العاملين على الشبكات في مجال الأمن السيبراني وايجاد خصائص ووسائل الحماية الإلكترونية.