اصبحت التفكير ناضجا بالعملات الإلكترونية الافتراضية، لكن هذا التفكير يحمل مجموعة من التوقعات، منها المخاطر التي تحيطها في الوقت الحالي على الاقتصاد العالمي.
ومن هذا المنطلق يقدم (مركز التطوير الرقمي-DDC)، تقريرا عن الاقتصاد الرقمي ومخاطره في الوقت الحالي، والاستشراق لمستقبله.
وبهذا الشأن قال، محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن ظاهرة العملات الإلكترونية (الافتراضية) انتشرت مؤخراً فى الاقتصاد العالمي، وأبرزها عملة “بيتكوين”، وهى عملة رقمية تعتمد على التشفير، وهى عملة لا مركزية أى لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا تخضع لرقيب مثل حكومة أو بنك مركزى مثل بقية العملات الموجودة فى العالم وليست ملموسة إذ لا يمكن طباعتها وتعد منفذاً لغسيل الأموال، منوها إلى أنه وفقا لوكالات الأنباء تستعد الصين من أجل إطلاق عملتهما الرقمية المشفرة، التى باتت تمثل حلا بالنسبة لكثيرين فى ظل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة كما أنها تمثل انقلابا فى السياسة الصينية المتبعة تجاه العملات الرقمية، حيث استهجنت بكين استعمالها فى البداية ولمواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة، قامت الصين بتخفيض قيمة عملتها اليوان، الأمر الذى دفع كثيرا من الصينيين للإقبال على البتكوين باعتبارها حافظة للمكاسب.
وأضاف “عادل”، أن تلك الخطوة لم تكن مفاجأة للمتابعين؛ فهناك اتجاه عالمى شامل حاليا لإصدار دول ومؤسسات عالمية وإقليمية لعملات رقمية وسط رفض أمريكى ملحوظ إلا أن الكثيرين ممن يتجهون حالياً لهذه الخطوه يرون أن الميزة الرئيسية تتمثل فى تسهيل المعاملات الإليكترونية، وهو ظاهر الأمر إلا أن السبب الرئيسى على الأرجح هو التخلص من رقابة البنوك المركزية، وهو الأمر الذى مثل إحدى أكبر مشكلتين للعملات الرقمية على مدار العامين الأخيرين؛ فالأول تمثل فى المضاربة غير المحسوبة وغياب آليات التسعير لهذه العملات مما تسبب فى خسائر حادة فى أسواق المال العالمية نتيجة لهذه المضاربات، وصدور تحذيرت عالمية ومصرية أيضاً من المضاربة على هذه العملات فى ضوء أن فكرة تلك العملة تتمثل فى عدم وجود كيان متحكم فيها، وقد تتعرض منصاتها لعمليات سرقة فى ضوء أن مفتاح التشفير الرقمى هو سر عملة البتكوين، أما المشكلة الثانية فهى أن تلك العملة لا تخضع لأى رقابة مما يجعلها تستخدم لتمويل أنشطة غير مشروعه نظراً لعدم إمكانية تتبعها.
وأشار “عادل”، إلى أنه فى عام 2009 شهد انطلاق عملة البتكوين إلا أنها لم تكن إلا أداة للتبادل فقط، وهو ما سعت فيس بوك للاستفادة منه مؤخراً بالكشف عن خطة طموحة لإنشاء عملة رقمية جديدة للاستخدام العالمى، لافتا إلى أنه وفقاً لورقة بحثية أعدتها الدكتورة نجوى سمك فأن عمل البنوك المركزية أصبح أكثر تعقيداً، فوجود النقود الافتراضية يزيد الأمر تعقيداً وتحوطاً من قبل البنوك المركزية، كما أن العملات الرقمية الافتراضية تفرض على الحكومات والمصارف المركزية الاختيار بين الحظر، والسماح، أو الاشتراك فى ابتكاراتها وفى معظم الاقتصادات الناضجة، اتخذت البنوك المركزية موقفا فى منتصف الطريق وهو الاستفادة من التكنولوجيا التى فرضت نفسها على العالم.
وأضاف نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن المتفق عليه حالياً والرأى الذى تتناقله دوماً المحافل الاقتصادية هى أن العملات الرقمية cryptoeconomics أصبحت حقل بحث نابض بالعديد من التنبؤات والمعلومات والعلم والمعرفة فى مفاهيم جديدة ستغير منحنيات العالم الاقتصادية، دراسة البلوكشين يجب ألا تترك فقط لعلماء الكمبيوتر لهذا فأن الأمر يحتاج الآن إلى إعادة نظر شاملة فى الامكانيات التى تحتاج إليها مصر حالياً لاستخدام البيانات الضخمة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، حيث يستلزم ذلك إلى البيئة التنظيمية وأتصور أن ذلك أمر ليس بعيد المنال فى ضوء الخطوات الحالية التى تقوم بها مصر .
وأوضح أنه تلاحظ فى الآونة الأخيرة استخدام الكثير من المصريين لهذه العملات عبر الانترنت ونرى أن المتعاملين يتعرضون لعمليات الاحتيال نتيجة استخدام هذا النوع من المدفوعات غير الآمن فى التعاملات عبر الإنترنت، وذلك على الرغم من أنه يلزم كل بنوك الدولة دون استثناء بما فيها البنوك الأجنبية بعدم إتاحة المدفوعات بالعملات الافتراضية أو أجهزة الصراف الآلي، وإلا ستتعرض للمساءلة لكن هذه التعاملات تتم فعليا خارج القطاع المصرفى وهو ما يستدعى استمرار التوعية بمخاطر الاستثمار فى هذه العملات غير المنظمة بالإضافة إلى عدم وجود حماية قانونية حتى الآن للمتعاملين عليها.