عندما يناقش المطلعون على التكنولوجيا الاختلافات بين الجيل الرابع والخامس، فإنهم عادة ما يتحدثون عن الاتصال، الذي هو المقياس المثالي لتقييم قوة وجودة وقيمة الانترنت، و لكن هل ستكون سرعة الجيل الخامس مقابل الجيل الرابع تحولا مهما كما يتوقع بعض خبراء الصناعة؟
يتوقع العديد من الخبراء أن شبكات الجيل الخامس ستعزز الاداء، بشكل واضح، وتحسين ميزات الشبكة مثل الاتصال والطاقة والسرعة ومجموعة الخدمات. يبدو هذا بسيطا على الورق، لكن له اثار كبيرة على النطاق العالمي.
تعني الكفاءة الأفضل أن الجيل الخامس يستهلك طاقة أقل من الجيل الرابع، والتي تستخدم طاقة أكبر بكثير. يعني أنه يمكن لملايين الأشخاص الذين يعيشون في مدن ذات كثافة سكانية عالية الاتصال بشكل متزامن دون مواجهة مشاكل في السرعة او الاستجابة، كما يمكن البقاء على الاتصال أثناء السفر بشكل أسرع من أي وقت مضى.
ويقدم العديد من مزودي الخدمة بالفعل اتصال الجيل الخامس، ولكنه ليس متاحا بعد لمعظم أسواق المستهلكين، ويقوم مقدمو الخدمات بدمج الجيل الخامس في شبكاتهم وخططهم، الأمر الذي سيتطلب بدوره جيلا جديدا من الأجهزة.
وبمجرد أن يصبح الجيل الخامس متاحا بسهولة للجماهير، كم سيغير العالم الذي نعيش فيه؟
إن معرفة تأثير الشبكات السابقة في الماضي يمكن أن يعطينا فكرة عن تأثير الجيل الخامس في المستقبل.
تاريخ تكنولوجيا الهاتف النقال
استصحب كل جيل من معايير الاتصالات اللاسلكية تحسينات على التكنولوجيا، ولكن لماذا يعتبر الجيل الخامس أهم قفزة في تاريخ الاتصالات اللاسلكية؟ دعونا نلقي نظرة على التقدم الذي احرزه كل جيل حتى اليوم.
عندما تم إطلاق شبكات الجيل الثاني تجاريا في عام ۱۹۹۲. فإنها تقدمت كاول تقنية اتصالات رقمية، اذ كانت تقنية الجيل الاول التي سبقتها ثماثلية، وبهذا فتحت الابواب للصور ورسائل الوسائط والرسائل النصية والمحادثات الهاتفية المشفرة رقميا ليتم إرسالها عبر شبكات مختلفة.
تخلصت التقنيات الجديدة من تقنية الجيل الثاني تدريجيا على مر السنين، ولكن أجزاء كبيرة من الكوكب لا تزال تعتمد على شبكات الجيل الثاني، مثل أوروبا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وأفريقيا التي تستخدم قسم من اجزاء شبكات الجيل الثاني للاتصالات، حيث استبدلت معظم الولايات المتحدة واليابان وغيرها هذه الشبكات القديمة بأجيال أحدث، وتم تقديم الجيل الثالث إلى السوق في عام ۲۰۰۱واستهلت بذلك استخدام التقنيات اللاسلكية التي نستخدمها حتى يومنا هذا.
واستصحب الجيل الثالث تقنية الهاتف الذكي التي سمحت لنا بتصفح الويب ومشاركة الصور وتنزيل مقاطع الفيديو وأداء وظائف أخرى كانت مستحيلة من قبل. كما تم السعي لتوفير اتصال كامل، وإمكانية أكبر للبيانات، وتسليم بيانات مرتفع، وأوسع نطاق من التطبيقات في التاريخ بهدف توفير كل هذا بأقل تكلفة لعملائها.
لقد حققوا هذه الأهداف من خلال تطوير النظام العالمي للاتصالات المتنقلة، وهي بنية تحتية للشبكة تجمع بين أفضل عناصر الجيل الثاني مع أحدث تقنيات الجيل الثالث.
ربما لم يكن بالإمكان تحقيق الانتقال من الجيل الثالث إلى الجيل الرابع بدون الاختراقات التكنولوجية في الصناعات المختلفة خلال العقد السابق، الا انه شكلت هذه التقنيات تطويرات مختلفة لتقنية الجيل الرابع، أشهرها LTE.
كانت المرونة والموثوقية التي توفرها هذه التقنيات لا مثيل لها سابقا، وشهدت العديد من الصناعات على الفور فوائد كونها جزءا من شبكة أسرع بكثير، وتم تحقيق هذه الخطوة الضخمة إلى الأمام من خلال تقديم بث عالي الدقة وتصفح سريع للويب، الأمر الذي نعتبره الأن أمرا مسلما به، حيث يمكن تنفيذ الكثير من الاعمال التي نقوم به على أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو المحمولة على الهاتف الذكي، حيث يمكننا الحفاظ على اتصال مستقر من أي مكان نعمل فيه بأقل قدر من زمن الاستجابة، كل هذا بفضل تقنيات الجيل الرابع.
كيف يعمل الجيل الخامس؟
الأن نصل إلى تقنيةالجيل الخامس التي تطرحها شركات الاتصالات تدريجيا في مدن مختارة حول العالم. لقد استغرقت هذه التكنولوجيا أكثر من عقد من الزمن للتطوير، وبسرعات تحميل أسرع ووقت استجابة أقل بشكل كبير، فهي تسير على الطريق الصحيح لتحل محل تقنية LTE الجيل الرابع السابقة، ولتحقيق زمن اتصال لا مثيل له من خلال العمل عبر ثلاثة نطاقات طيف ترددي.
تنشئ هذه النطاقات الثلاثة اتصالا مرنا يتكيف مع كيفية ومكان اتصال المستخدم، حيث يعد النطاق المنخفض هو النطاق الأساسي الذي تعتمد عليه العديد من شركات الاتصال الشهيرة بسبب قدرته على اختراق الأسطح الصلبة بينما لا يزال يغطي مساحة واسعة.
اما عيوبها هي ان السرعة فوق 100ميجابت في الثانية، لذا بناء على ذلك، فقد نسيت بعض البلدان هذا النطاق، واختارت تحديد المستوى الأدنى لأداء الجيل الخامس في طيف النطاق المتوسط، الذي يوفر وقت استجابة أقل مع اختراق أقل للسطح وسرعات ذروة أعلى من طيف النطاق المنخفض، والتي من المحتمل أن تصبح متاحة في كل منطقة مترو رئيسية عبر الولايات المتحدة بحلول نهاية عام 2020.
اما النطاق عالي الطيف، الذي يتمحور حول الأبراج التي توفر اتصالات سريعة للغاية بمسافات قصيرة، والتي تنتشر في مناطق مكتظة بالسكان، مثل ملاعب كرة القدم ومراكز المؤتمرات، فهذه زادت من التحسينات الأخيرة النطاق الفعال لهوائيات الجيل الخامس، ولكن هذا لا يعني أنها خالية من العيوب. على عكس إشارات النطاق المنخفض، اذ إن الحواجز المادية تعوق إشارات النطاق العالي، ويمكن للجدران والمباني والهياكل الأخرى قطع نطاق هوائيات النطاق العالي إلى جزء من طاقتها الأصلية، ويمكن لأنواع معينة من الزجاج والمواد الأخرى أن تمنع إشاراتها تماما.
الاختلافات الرئيسية بين الجيل الرابع والخامس
باستخدام النطاقات المنفصلة للتواصل، فإن الجيل الخامس أذكى وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة وأسرع من أي من سابقاتها، حيث من المتوقع أنها ستكون أسرع 10مرات تقريبا من شبكتك الحالية، لاسيما خلال ساعات الذروة، اذ يسمح الجيل الخامس لعدد أكبر من المستخدمين بالاتصال في وقت واحد، وبهذا سيزيل التزاحم في الشبكة ويسمح للمستخدمين ببث التلفزيون المباشر.
لكن خبراء الصناعة يدعون أن تقليل زمن الاستجابة والسرعة الأعلى ليس سوى قمة جبل الجليد لهذه التكنولوجيا الواعدة، ويتوقعون أن الابتكارات المستقبلية ستستخدم اتصال الجيل الخامس المحسن لتشغيل بعض أهم الاتصالات في جيلنا، حيث يبحث مقدمو الخدمات الرئيسيون بالفعل عن الاستثمار في أجهزة بث الـ WiFi للجيل الخامس ليكون الاتصال مستقرا بما يكفي لتشغيل الأجهزة المنزلية فقط خارج شبكة الجيل الخامس.
ما مدى سرعة الجيل الخامس؟
يتوقع الخبراء أن يكون الجيل الخامس، خمس مرات أسرع من الأجيال السابقة، لتخلق العديد من الفرص المثيرة للصناعات والمستهلكين على حد سواء، فضلا عن زيادة الاتصال بمكالمات فيديو والافلام 4K فائقة الدقة.
ماذا سيمكن الجيل الخامس؟
سيكون تقليل وقت الاستجابة هو العامل الرئيسي للتمييز بين الجيلين الرابع والخامس، وهذا وحده سيكون كافيا لإغراء العديد من أكبر الصناعات في العالم لتبني الشبكة في أسرع وقت ممكن.
ويتوقع بعض خبراء الصناعة أن الجيل الخامس سيشغل في نهاية المطاف المدن الذكية وغيرها من المشاريع الكبيرة.
الرعاية الصحية:يمكن لمقدمي الرعاية الصحية إنشاء شبكات استشعار التتبع المرضى ومشاركة المعلومات بشكل أسرع من أي وقت مضى.
البنى التحتية:يعني الاتصال الأفضل نقلا وأكثر كفاءة وتوزيع السلع والخدمات في جميع أنحاء العالم.
السلامة العامة:شبكة واسعة وأوقات استجابة سريعة تعني أن الأشغال العامة يمكنها الاستجابة للحوادث وحالات الطوارئ في ثواني بدلا من دقائق، يمكن للبلديات أن تتفاعل بسرعة وبتكلفة مخفضة.
المركبات ذاتية القيادة:الجيل الخامس سيسمح للمركبات بالتواصل فيما بينها ومع البنية التحتية على الطريق، وتحسين السلامة وتنبيه السائقين لظروف السفر ومعلومات الأداء.
متى يمكننا توقع قدوم الجيل الخامس؟
سيخبرك العديد من خبراء الصناعة أن الجيل الخامس قد وصلت بالفعل، ومع ذلك، لن يتمكن معظم المستهلكين من الوصول إلى النطاق الكامل لإمكانياتها حتى يتم توفير النطاق المنخفض في عام 2020.
يركز مقدمو الخدمات على البدء الأولي للتكنولوجيا حول المناطق المكتظة بالسكان والمدن الكبرى. من المحتمل أن يكون إدخال تقنية الجيل الخامس في سوق المستهلك الشامل عملية بطيئة، فلا تتوقع ان يتم التحول بين عشية وضحاها.
ما مدى أمان شبكة الجيل الخامس؟
يمكن في العديد من الحالات الاستفادة من تقسيم الشبكة او ما يسمى (Slicing) لتخصيص السرعة والقدرة والتغطية والتشفير والأمان والتي يمكن تحقيقها بسهولة أكبر مع الجيل الخامس، حيث يوفر Slicing للمصنعين وغيرهم شبكة مخصصة يمكنهم من خلالها التحكم في حلول إنترنت الأشياء الخاصة بهم ودعمها بشكل كامل للاتصالات الموثوقة، فضلا عن انه يمكن أن يوفر عنصرا إضافيا للأمان لا توفره شبكات الـ WiFi والتي يتم مشاركتها مع الآخرين على الطيف وبالتالي يتم التدخل فيه بسهولة أكبر.