أدى ظهور ثقافة صور “السيلفي” على مدى العقد الماضي إلى دفع تطور أدوات وتقنيات تحسين الصور الرقمية، مما أدى الآن إلى وضع يتم فيه تحرير العديد من الصور التي ينشرها الناس عبر الإنترنت وتعديلها بحيث لا تكون فيها أي أوجه تشابه مع صاحب الصورة في الحقيقة.
هذا ما قد يساعد في إدراك الناس لأنفسهم، والتواصل بصورة الشخص الذي يريدون أن يكونوا على الإنترنت، ولكنه في نفس الوقت قد يؤدي إلى جيل من الناس يعبرون عن أنفسهم بصور غير واقعية إطلاقاً.
إذا كان الشخص يشعر بأنه غير جميل، فقد يكون ذلك لأنه يقارن نفسه بمعيار جمال إصطناعي لا يمكن لأحد تحقيقه في العالم الحقيقي، وهذا قد يؤدي إلى مشاكل صحية نفسية كبيرة، خاصة بين شريحة النساء الأصغر سناً، ولهذا السبب يعد هذا الأمر مهماً.
وفقاً لما ذكرته وكالة Vice للأنباء الأسبوع الماضي، أقر البرلمان في النرويج لوائح جديدة تتطلب من مشاهير الإنترنت والمعلنين الإشارة بوضوح لجميع الصور التي تم تعديلها، مما يوفر مزيداً من الشفافية للمشاهدين.
تقول الوكالة في منشور إخباري لها “بموجب القواعد التي تم إقرارها مؤخراً، فإن الإعلانات التي تم فيها تعديل شكل الجسم أو حجمه أو بشرته، حتى من خلال مرشح صور (Filter) قبل التقاط الصورة، ستحتاج إلى إضافة ملصق صممته وزارة شؤون الأطفال والأسرة النرويجية. أمثلة على تعديلات تتطلب وضع هذا الملصق هي تكبير الشفاه، وتصغير الخصر، والعضلات المبالغ فيها، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان الأمر نفسه ينطبق على تعديلات الإضاءة أو تشبع الألوان”.
يغطي القانون الجديد المحتوى من المشاهير والمعلنين “إذا تلقوا أي مدفوعات أو مزايا أخرى” فيما يتعلق بالمنشور، وسيطبق على جميع المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي. أي إنتهاكات يعاقب عليها بغرامات متصاعدة، وفي بعض الحالات القصوى، حتى السجن.
بينما يقر المسؤولون النرويجيون بأن تطبيق هذا القانون قد يمثل تحدياً من حيث إكتشاف مثل هذه التعديلات في الصور، فإن التهديد بإتخاذ إجراء قانوني يمكن أن يكون بمثابة رادع كبير بما فيه الكفاية، خاصة للمشاهير الفرديين الذين هم أقل إستعداداً للمخاطرة بالعقاب بسبب منشوراتهم.
من الناحية المثالية، سيشهد ذلك قيام هؤلاء المشاهير بنشر صور أكثر واقعية عبر الإنترنت، والتي بدورها سيكون لها تأثير متدفق على سلوكيات المستخدم العادية، وسيهتم المستخدمين بفارق الشكل بينهم وبين المشاهير بشكل أقل.
في عام 2017، وجدت دراسة نشرتها الجمعية الملكية للصحة العامة في المملكة المتحدة أن منصة Instagram هي “أسوأ شبكة تواصل إجتماعي للصحة العقلية والرفاهية”، حيث تساهم المنصة في زيادة مستويات القلق والإكتئاب بالإضافة لأمور أخرى، ومن النتائج الرئيسية للدراسة أن Instagram ساهم بشكل كبير في مشكلة “المقارنة واليأس” لدى الشباب، حيث يشعر المستخدمون أنهم لا يستطيعون التماشي مع النقاط البارزة المنشورة من قبل الآخرين على Instagram.
تعد هذه الصور المعدلة لحد المثالية مساهماً رئيسياً في هذه المشكلة. لهذا السبب بدأت شركة Google بإزالة أدوات زيادة الجمال في هواتف Pixel، وقام Instagram أحياناً بإخفاء عدد الإعجابات لتقليل عنصر الضغط بالمقارنة.
يُعد تطبيق القانون الجديد خطوة مهمة في هذا الصدد، وعلى الرغم من أنه قد لا يكون الحل النهائي، إلا أنه مجال تركيز مهم يحتاج إلى مزيد من الإهتمام، ومن الجيد أن نرى المسؤولين يتخذون إجراءات ملموسة لمعالجته. سيكون من المثير للإهتمام معرفة ما ستكون عليه التأثيرات المتتابعة لهذا القانون، وما إذا كان سيؤدي إلى إزالة المنصات نفسها لأدوات تنقيح الجمال للمستخدمين في بعض المناطق.