إن أحد الجوانب الرائعة للتكنولوجيا هو سهولة الحصول على الإختصارات. من واجهة الدماغ والحاسوب (BCI) إلى إنترنت الأشياء (IoT)، هناك مصطلح جديد يظهر كل عام تقريباً، مع إمكانية أن تزيد هذه المصطلحات في المستقبل. في عام 2021 رحبنا بأحدث مصطلح مختصر في الإختصار التكنولوجي، وهو إنترنت السلوكيات أو IoB، وهو امتداد لإنترنت الأشياء ولكنه يركز على التقاط ومعالجة وتحليل “الغبار الرقمي”[1] لحياة الناس اليومية.
تعريف إنترنت السلوكيات IoB
بينما إن إنترنت الأشياء (IoT) هو عبارة عن شبكة من الأشياء المادية المترابطة التي تجمع المعلومات وتتبادلها عبر الإنترنت، يجعل إنترنت السلوكيات (IoB) هذه البيانات مفهومة جنباً إلى جنب مع سلوكيات بشرية محددة، بدءاً من أنماط الشراء إلى الإهتمامات الديموغرافية. تعمل الأجهزة المتعلقة بتحديد الموقع الجغرافي والبيانات الضخمة والتعرف على الوجه بشكل أساسي على توجيه سلوك المستخدم في الخريطة. فعلى سبيل المثال، بمجرد توصيل المستخدم، تقوم منصة أوبر (Uber) بإجراء إستطلاعات الرأي لتقييم الرحلة، مما يتيح مراقبة سلوك السائق وتفسير تجربة الراكب وفقاً لذلك.
إنترنت السلوكيات والعالم الحقيقي
بحلول عام 2025، سيخضع 40% من سكان العالم لبرنامج IoB واحد على الأقل (سواء كان حكومياً أو تجارياً) وسيتم تتبعهم رقمياً للتأثير على سلوكهم. و سوف يساعد ذلك في:
- إستبدال العديد من إستبيانات العملاء غير الضرورية
- الحصول على وضوح أفضل حول المكان الذي يتسوق فيه الفرد
- تقديم إشعارات في الوقت الفعلي حول إعلانات التخفيضات ومنافذ البيع
- إختبار فعالية الحملات التجارية وغير الربحية
- دراسة كيفية تفاعل الأفراد مع أجهزة وخدمات ومنتجات معينة
يمكن أن يكون IoB أداة قوية لزيادة المبيعات والتسويق لإنشاء إستراتيجيات فعالة تحدث فرقاً فيما يتم تقديمه للمستهلكين. ولكن لا تنحصر فوائده في هذا فقط، فالمنافذ الصناعية الأخرى تستفيد منه أيضاً. على سبيل المثال، يعتبر IoB ذا قيمة في المجال الطبي، حيث يساعد مقدمي الرعاية الصحية على تقييم حالات المرضى وإلاستجابة للعلاجات وغيرها من المعلومات المتعلقة بنمط حياتهم.
[1] الغبار الرقمي (Digital Dust) هو نوع من البقايا الثانوية للبيانات الأولية التي نشاركها في حياتنا اليومية.
قيمة إنترنت السلوكيات عبر الصناعات
تعقب الموقع وسلوك المستهلك
عند مغادرتك لمطعم ما، تحصل أحياناً على طلب فوري من بعض المنصات مثل Google أو Yelp لكتابة مراجعة والإبداء عن رأيك بذلك المطعم. إن هذه هي الطريقة التي يتم بها الحصول على تفضيلاتك، وهذا هو نفس المفهوم الذي تطبقه منصة أوبر للتعرف على تجارب عملائها وتطوير إستراتيجيات أفضل لتلبية إحتياجاتهم.
تستخدم معظم الخدمات المستندة إلى الموقع تقنية GPS للهاتف المحمول أو تقنيات أخرى مثل الإتصال قريب المدى (NFC)* والبلوتوث لتتبع موقع المستخدم وإرسال الإشعارات أو رسائل البريد الإلكتروني وفقاً لذلك. يساعد هذا أيضاً في جمع المعلومات في الوقت الفعلي بدلاً من التأخير إلى بعد فترة، مما يساعد الشركات على إجراء تغييرات على عروضها بسرعة.
إكتشاف الوجه والحالة البدنية
في عام 2018، بدأت سلسلة القهوة Barista في إستخدام IoB للتعرف على الوجوه لتحديد جنس المستهلكين وأعمارهم وحالتهم المزاجية. تساعدهم التكنولوجيا على مراقبة هذه المعطيات وإقتراح مشروب مناسب لكل شخص. إن هذا النظام يمكن إستخدامه في متاجر البيع بالتجزئة لأغراض الإعلانات المخصصة، حيث تقدم العلامات التجارية منتجات أو خدمات بناءً على الحالة المزاجية أو الجنس.
تدرس توصيات المنتجات، التي إبتكرتها أمازون (Amazon)، تاريخ المشتري لإقتراح المنتجات، كذلك يفعل التعرف على الوجه الشيء نفسه ولكن من خلال مراجعة الوضع الحالي للمستهلك.
المراقبة الصحية لمتابعة صحة المريض
يستخدم IoB الآن في إنشاء تطبيقات صحية للهواتف الذكية يمكنها تتبع النظام الغذائي للشخص ومستوى السكر في الدم ومعدلات ضربات القلب وأنماط النوم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتم تحذير المرضى من حالتهم الصحية الحالية، ويقترح عليهم التعامل مع الأمر بسهولة، وتعديل عاداتهم الغذائية أو تناول الأدوية وفقاً لذلك. يمكن لهذه المعلومات الأساسية أن تنقذ الأرواح وتساعد الأطباء في تشخيص الأمراض وبدء العلاج المناسب بشكل أسرع.
*الاتصال قريب المدى (NFC) وهي تقنية اتصال لاسلكية تعمل بتردد1356 ميغاهرتز وتستطيع نقل البيانات بسرعة قصوى لا تتجاوز 474 كيلوبت بالثانية وتختلف في كونها قادرة على تبادل البيانات في نطاق ضيق للغاية لا يتجاوز 4 سنتيمترات بين طرفي تبادل المعلومات (الهاتف وجهاز التلقي أو هاتف آخر) وهو ما جعل استخدامها في المعاملات المالية ممكنا نظرا لكونها آمنة لدرجة بعيدة ولا يمكن التعاطي معها لاسلكيا عن بعد.
نظام النقاط الإجتماعية وتتبع سلوك المواطنين
هل تتذكر عندما قدمت الصين نظام نقاط الإجتماعي الذي يتتبع سلوك مواطنيها ويخصص الدرجات بناءً على سلوكهم؟ في الواقع هم كانوا يخططون لتطبيق تقنية IoB على نطاق واسع، فهم يهدفون إلى السماح لهذه التقنية بتتبع سلوك المواطنين. لذلك يمكن أن يساعد IoB الشركات والحكومات في مراقبة الجمهور، والسيطرة على الجريمة، وتقديم الخدمات الضرورية، وتوفير طريقة عيش أكثر أماناً وتنظيماً.
تتبع الأمراض المزمنة
شهد العقد أو العقدان الماضيان إرتفاعاً غير مسبوق في الأمراض المزمنة وغير المعدية. في كل عام، تتسبب الأمراض غير المعدية بوفاة ما يقرب من 41 مليون شخص، مما يؤدي أيضاً إلى الإنفاق المفرط على الرعاية الصحية.
يقدم IoB نمطاً واعداً لتطوير أنظمة مراقبة صحية عن بُعد في الوقت الفعلي للمصابين بمتلازمة BCD، والذين يعانون بشكل أساسي من أمراض القلب وأمراض السكر، وقد حققت الأجهزة التي تدعم IoB خطوات كبيرة متمكنة في مجال تكنولوجيا البنكرياس الإصطناعي.
تساعد مراقبة العلامات الحيوية في تقليل زيارات المستشفى من خلال إكتشاف الحالات غير الإعتيادية في أجسام المرضى وتنبيههم إلى أنهم بحاجة إلى زيارة الطبيب في أقرب وقت ممكن، حيث أظهرت دراسة أجريت في عام 2015 أن إستخدام الأجهزة التي تعتمد على IoB أدت إلى إنخفاض بنسبة 50% في معدل إعادة الدخول إلى المستشفى لمدة 30 يوم.
حجوزات السفر
يمكن لشركات السفر تقديم عروض وتوصيات مخصصة وذات صلة من خلال دراسة الخصائص الإجتماعية والديموغرافية للمستهلكين والسلوك عبر الإنترنت في الماضي. فعلى سبيل المثال، تمكّن منصة Booking العملاء من حجز الفنادق والمنتجعات وأماكن الإقامة في وجهة معينة. ولتحسين تجربة التصفح داخل التطبيق، يتعرف التطبيق بإستمرار على البيانات ويدرسها لتقديم إقتراحات مخصصة للوجهات.
تسعير أقساط تأمين السيارات
يساعد IoB على تحسين أقساط التأمين على السيارات. يمكن للمستخدمين تثبيت التطبيق على هواتفهم التي تجمع معلومات مهمة مثل المسافة المقطوعة وسرعة السيارة والوقت من اليوم الذي يسافر فيه المستخدم وما إلى ذلك. وفقاً لذلك، يتم حساب القسط الصحيح الذي يحق للمستخدم دفعه. بناءً على البيانات، سيدفع السائقون المسؤولون أقساطاً منخفضة. في عام 2013، أطلقت شركة Aviva للتأمين أول تطبيق للهاتف المحمول لتسجيل سلوك القيادة.
الأهداف المالية طويلة المدى
ستساعد هذه التكنولوجيا البنوك في الحصول على وضوح أفضل بشأن أنماط إنفاق عملائها عبر الأجهزة التي تدعم إنترنت الأشياء. يمكن تصميم النظام لإجراء إختبار *ping للإشعارات المشجعة عندما يحقق المستخدم أهدافه المالية طويلة المدى، ويساعده أيضاً على تعديل إهتماماته وأسلوب الإنفاق إذا كان قد تجاوز حدود إنفاقه.
تداعيات إنترنت السلوكيات IoB
ليس هناك شك في أن IoB يوفر العديد من فرص النمو عبر مجالات الصناعة، ولكن هذه التكنولوجيا ليست خالية من المخاطر. أدناه هي عيوب هذه التكنولوجيا:
قلة الخصوصية
تزدهر منظومات IoB بالبيانات، لكنها لا توفر معلومات كافية فيما يتعلق بكيفية جمع معلومات المستخدمين. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد حتى الآن أطر عمل مناسبة للتنقل في البيانات وإستخدامها، خاصة على نطاق أوسع. يتم جمع بيانات IoB بشكل عشوائي، دون الحصول على إذن مسبق من المستهلكين.
الوصول إلى البيانات الحساسة
بلغت الجرائم الإلكترونية أعلى مستوياتها على الإطلاق، ويمكن للقراصنة والمخترقين الوصول إلى البيانات الحساسة المتعلقة بسلوكيات العملاء، كما ويمكنهم الوصول إلى رموز الملكية وطرق التسليم وكلمات السر المصرفية وما إلى ذلك. لا عجب أن محاولات التصيد في تزايد، فكلما كانت الشبكة أكثر إتساعاً، زادت المعلومات التفصيلية. مع دخول المزيد من المستخدمين إلى ساحة إستخدام IoB، سيكونون أكثر عرضة للمخترقين عبر الإنترنت.
تطور إنترنت السلوكيات IoB
يعمل IoB على تمكين الشركات عبر الصناعات بأساليب متطورة لتسويق منتجاتها وخدماتها وتحسين جودة عروضها والتأثير على سلوكيات العملاء والموظفين. تساعد هذه التكنولوجيا على إضافة قيمة إلى علاقات الشركات مع العملاء والبائعين بناءً على البيانات الملتقطة وتعزيز صافي الأرباح.
سوف تتطور البيانات السلوكية طالما إستمر البشر في التطور. مع ظهور أجهزة إنترنت الأشياء الجديدة، سيصبح فهم السلوكيات بالأرقام جانباً مثيراً في كل عمل تجاري. توجد بالفعل في IoB مخاوف تتعلق بأمن البيانات والخصوصية، لكننا سنجد دائماً طريقة لحل هذه المشاكل وضمان الإستخدام المسؤول والسالم للبيانات.
Ping*هو وحدة قياس ، تقيس مدة اتصال جهاز الكمبيوتر الخاص بك – المتصل بالانترنت بكل تأكيد – بسيرفر معين ، قد يكون هذا السيرفر خاص بموقع مثل YAHOO أو أي موقع آخر .يقوم أمر الـ Ping بقياس هذه الفترة الزمنية بالمللي ثانية ، وكلما قلت هذه المدة كلما كان اتصالك بالسيرفر أسرع ، أي أنه ستكون سرعة الانترنت لديك أسرع .
