يبدو أنه أمر حتمي ولا مفر منه أن تصبح جميع الأدوات التي نستخدمها ذكية في نهاية المطاف، وأن تعتمد على التكنولوجيا في أدائها، من الملابس والساعات والسماعات، وصولا إلى النظارات والعدسات اللاصقة.
بحسب ما ذكرت منصة (business wire) في تقرير لها مؤخرا، فمن المتوقع أن ينمو السوق العالمي للأجهزة الذكية القابلة للارتداء من 18.08 مليار دولار عام 2021 إلى 20.64 مليار دولار مع نهاية العام الجاري، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.1%. ومن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 31.95 مليار دولار عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.5% خلال هذه الفترة.
من بين هذه الأجهزة والأدوات القابلة للارتداء، تبرز العدسات اللاصقة الذكية التي تحقق اختراقات ثورية في تطورها، وبلغ حجم السوق العالمي للعدسات اللاصقة الذكية 115 مليون دولار عام 2018، ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 1.6 مليار دولار أميركي بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 38.9% خلال هذه الفترة.
عدسات قادرة على تشخيص وعلاج أمراض العين والسكري والسرطان:
يجري تطوير عدسات ذكية أخرى لجمع البيانات الصحية، ويمكن أن تضم هذه العدسات “القدرة على المراقبة الذاتية، وتتبع الضغط داخل العين أو مستوى الغلوكوز في الدم عن كثب لمرضى السكري”، كما تقول الدكتورة ريبيكا روجاس -أستاذة علم البصريات في جامعة كولومبيا- التي تضيف “يمكنها أيضا توفير خيارات لإيصال الدواء داخل الجسم لفترات طويلة، وهو أمر مفيد في خطط التشخيص والعلاج، ومن المثير أن نرى إلى أي مدى وصلت التكنولوجيا، والإمكانات التي توفرها لتحسين حياة المرضى”.
وتشير ولاكوت في تقريرها إلى أن “الأبحاث تجرى حاليا لبناء عدسات يمكنها تشخيص وعلاج الحالات الطبية من أمراض العين إلى مرض السكري أو حتى السرطان عن طريق تتبع بعض المؤشرات الحيوية، مثل مستويات الضوء أو الجزيئات المرتبطة بالسرطان أو كمية الغلوكوز في الدموع”.
ويوضح الدكتور يون لونج تشاو -الأستاذ المحاضر في مختبر تخزين الطاقة والإلكترونيات الحيوية في جامعة ساري- في تصريحات لشبكة بي بي سي “نجعلها مسطحة للغاية، بطبقة شبكية رفيعة جدا، ويمكننا وضع طبقة المستشعر مباشرة على العدسة اللاصقة بحيث تلامس العين مباشرة وتتصل بالمحلول المسيل للدموع”.
ويضيف الدكتور تشاو “ستشعر بالراحة أكثر عند ارتدائها؛ لأنها أكثر مرونة من غيرها من العدسات، وحيث إن هناك اتصالا مباشرا بمحلول الدموع فإنه يمكن أن يوفر نتائج استشعار أكثر دقة”.
وعلى الرغم من كل هذه التطورات المثيرة، فلا يزال يتعين على تكنولوجيا العدسات الذكية التغلب على عدد من العقبات التي تواجهها، ويتمثل أحد أهم التحديات في تزويد هذه العدسات بالطاقة عن طريق البطاريات التي يجب أن تكون صغيرة جدا بشكل لا يصدق، وقادرة على توفير مقدار كاف من الطاقة لتقوم بأداء المهام المطلوبة منها، كما ذكرت الكاتبة في تقريرها.وهناك مشكلة أخرى وهي مشكلة الخصوصية، وهي قضية مثارة منذ إطلاق “غوغل” للنظارات الذكية عام 2014.
من جانبها، تنقل الكاتبة عن شركة موجو قولها إن “جميع البيانات التي ستُجمع محمية بقوانين الأمان والخصوصية”.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من طريقة استخدام المنتج بشكل صحيح وسليم.
وفي هذا السياق، تقول الدكتورة روجاس “أي نوع من العدسات اللاصقة يمكن أن يشكل خطرا على صحة العين، إذا لم يتم الاعتناء به أو تركيبه بشكل صحيح. تماما مثل أي جهاز طبي آخر، نحتاج إلى التأكد من أن صحة المرضى هي الأولوية، وأي جهاز مستخدم له فوائد تفوق المخاطر”.